عدد المساهمات : 1185 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/09/2009 العمر : 36 الموقع : اللؤلؤة فقط ولا شئ غير اللؤلؤة
موضوع: وداعا عام الفقر و المرض ..و الفتنة الطائفية !!! الخميس ديسمبر 24, 2009 9:48 pm
وداعاً عام الفقر والمرض.. والفتنة الطائفية!
لم يحدث أن أصابني اكتئاب رباعي مثلما حدث لي هذا العام.. المصريون يصفون السنة التي تتكرر فيها الحوادث والكوارث والمصائب بأنها "سوداء".. لكن لون 2009 كان أكثر من قاتم ولا يفلح السواد في التعبير عنه أو وصفه.. العام بدأ باجتياح إسرائيل البربري لغزة وتلاحقت أحداثه وأهمها الأزمة المالية العالمية التي هبطت بمعدل النمو في مصر إلي أقل من 4% في بعض الشهور بعد أن وصل إلي 7.6%.. في بداية العام أجريت حواراً مع د.أحمد نظيف رئيس الوزراء فقال لي إنه رغم بداية مؤشرات الأزمة المالية وتأثر قطاعات هامة من التي تدر عائداتنا الهامة كالبترول والسياحة وقناة السويس. الا انه متفائل. مضت شهور العام بطيئة.. ثقيلة.. رتيبة.. لكن العام كله وقد بلغنا آخره كان له طعم واحد وهو مذاق الصبار.. أطلق العرب الاسم علي النبات لأنه يصبر علي عدم وصول الماء إليه وينبت في أراض قاحلة. لكن فيما بعد أطلقوا التسمية للكناية عن "المرارة" وافتقاد الريق الحلو.. لذا فإن أصلح تسمية للعام الذي يلملم أوراقه هي عام الصبار. وقبل أن أتحدث عن علامات المرارة التي نزلت علقماً في أفواه المصريين .يهمني القول إنه إلي جانب الأزمة المالية التي جعلت رجال الأعمال المصريين يئنون. وأنفلونزا الخنازير التي أغلقت عدداً كبيراً من المدارس وقتلت أكثر من مائة حالة وزرعت الرعب في قلوب المصريين والفقر الذي أمسك بتلابيب المصريين وهبط بهم هبوطاً اضطرارياً علي سلم التقدم والنمو وتأخر ترتيبنا في الفقر وتقدم في الفساد. رغم كل هذا فإن أشد ما يقلقني أننا بدأنا نعرة الفتنة الطائفية وتحريك الضغائن بين المسلمين والأقباط عنصري الأمة ونسيجها الوطني. لقد وصلنا إلي مرحلة هي نفسها السابقة علي اندلاع الحرب الأهلية في لبنان.. مناخ ملتهب تزكيه قنوات فضائية خاصة تعكس فكراً سلفياً وترد عليها قنوات قبطية بفكر آخر يوصف بأنه تبشيري وأحياناً تحريضي. هذا العام كادت أن تشتعل حرب في نهايته بسبب كتاب سحبه شيخ الأزهر المتزن العاقل من الأسواق.. علي رأس المؤسستين الدينيتين في مصر شخصان عاقلان.. الإمام الأكبر وقداسة البابا.. لكن التطرف موجود في المنتمين للمؤسستين بشكل لافت للنظر.. لسنا في زمن يقف فيه الأقباط علي الشاطيء الآخر.. لكننا في زمن نحن أحوج ما نكون فيه لنسيج واحد ومواطنة حقيقية وليس فقط الاستشهاد بالدستور عندما تقع أحداث مؤلمة. هذا العام كان الصعيد تربة خصبة لفتن ربما تقود إلي صدام مسلح.. المسلمات غير آمنات علي أنفسهن وكذلك القبطيات رغم أن الصعيد وأهله نشأوا علي احترام الشرف بغض النظر عن الدين إلا أن الأمور اختلطت الآن. علي أية حال أعود للعام الذي كان بطعم الصبار فقد خسر الاقتصاد المصري 20 مليار دولار في عام والرقم علي عهدة متخصصين وفي تصريحات منسوبة لمسئولين.. لكن "الصبار" كان له طعم أكثر مرارة علي نفوس الغلابة الذين قهرهم وزير المالية بالضريبة العقارية. أولياء الأمور صرخوا في هذا العام ثلاث مرات الأولي بعد نتائج الثانوية العامة الصيف الماضي وفشل كثيرين من أبنائهم في الالتحاق بكليات حكومية فكان أن تضاعف العبء المادي بعد إلحاقهم بتعليم عال خاص بعد أن استنزفتهم الدروس الخصوصية.. ثم روعوا بأنفلونزا الخنازير التي خلعت القلوب وأغلقت المدارس ومع ذلك استمرت العملية التعليمية.. ولأن الوعي قليل منع الآباء أولادهم عن المدارس وزاد الاعتماد علي الدروس الخصوصية ومراكزها الخاصة. وكانت الصرخة الثالثة عندما أدركوا سوء مستوي التعليم في مصر رغم كل ما قيل عن تطويره.. والنتيجة أن المدرسين استفادوا من الكادر ومن الدروس الخصوصية بينما لم تستفد الأسرة المصرية شيئاً سوي انحدار مستوي معيشتها واضطرارها إلي إلغاء كثير من بنود الحياة للتأقلم علي الوضع الجديد. احباطات المصريين شملت أيضاً عدم التأهل لكأس العالم في كرة القدم بعد أن كان قاب قوسين أو أدني من منتخبنا ودخل في دوامة الاحباط أيضاً عجز الحكومة عن السيطرة علي الأسعار التي تنخفض في العالم كله بسبب الأزمة المالية العالمية ومازالت ترتفع في مصر. عام الصبار هذا كان أكثر عام انتهكت فيه كرامة المصريين خاصة في مباراة كرة القدم الأخيرة مع الجزائر وفي وقائع التعذيب التي عاني منها بعض المصريين في الغربة. لقد دخلت مصر للأسف أول مرة في تاريخها حالة من الجدل حول أمنها القومي.. أصحاب الأجندات من إخوان وناصريين وقوميين سابقين ساءهم أن تحافظ مصر علي سيادتها ولا تسمح لأحد بالتحليق في سمائها أو الاقتراب من مياهها وبحورها.. مصر منعت التهريب فقامت القيامة وأصبحنا في آخر الزمان نجد كتاباً مصريين يرفضون سيادة مصر علي أرضها وحقها في الدفاع عن شعبها وتأمين حدودها. لم نجد كاتباً سعودياً واحداً يعاتب حكومته علي قتل الحوثيين - وهم عرب - لأنهم يهددون حدود المملكة.. حدود الأوطان مقدسة في العالم كله إلا في مصر نستخدمها للمزايدة علي الدولة والنظام والرئيس.. أصبحنا نجد مصرياً يقول إن إسرائيل أفضل منا. وآخر يزعم أن حماس أصبح لها عدوان: القاهرة وتل أبيب! عام 2009 انتهي ويبدأ عام جديد نتمني أن يستعيد فيه المصريون إحساسهم بوطنيتهم.. المشاعر المتأججة التي غلفتنا في مباراة كرة القدم نتمني أن نرد بها علي من يطعنون في مصر من منابر ملوثة معروف أهدافها وأسبابها. دعونا نبدأ عاماً جديداً يكون فيه الحوار سيد الإقناع.. حوار وطني للصالح العام.. هناك مناطق لا يمكن أن نخضعها للاجتهاد أو المفاضلة أو إعادة التقييم. مصر تحتاج حواراً حول مشاكلها وحلولاً لأزماتها الكثيرة.. بلدنا تعيش علي أمل إنهاء كثير من القضايا التي تعوق تقدمها.. لا يعقل أن نكون في القرن الحادي والعشرين ويستغرقنا طول الجلباب وحرمانية تحديد النسل وهل يعالجنا قبطي ولماذا لا توقف الدولة صادرات الغاز لإسرائيل المنصوص عليها في معاهدة السلام!! هذه أشياء انتهي عمرها الافتراضي.. الأخوة الذين مازالوا يعيشون في زمن عبدالناصر عليهم حل مشاكلنا بطريقة واقعية وليست إنشائية.. نريد أسلوباً أفضل من أسلوب الحكومة في الزراعة والصناعة والتعليم والإعلام والعلاقات الخارجية.. نريد معارضة لها برنامج إيجابي وليس معارضة كالموجودة في مجلس الشعب التي تخصصت في الاستجوابات ونسيت أن تقدم الجزء الآخر من دورها الرقابي وهو صياغة مشروعات قوانين تفيد الناس.. هذا ما نريده فهيا نفعله معاً.